من كارل-ماركس شتادت في ألمانيا الشرقية سابقاً إلى تشلسي الإنكليزي مروراً بباير ليفركوزن وبايرن ميونيخ، صعد ميكايل بالاك سلم النجاح درجة درجة، ليصبح القائد الفعلي والمعنوي لمنتخب ألمانيا الطامح لإحراز كأس أوروبا 2008.
منذ أسابيع عدة يظهر لاعبو المنتخب الألماني في إعلان دعائي تلفزيوني بالأسود والأبيض لأحد صانعي السيارات وهم يتسلقون الجبال النمساوية السويسرية، بحيث يلعب بالاك دور الدليل والموجه لهم، ليصبح اللاعب الفارع الطول زعيم الـ"ناسيونال مانشافت" بعد أن خاض 79 مباراة دولية وسجل 35 هدفاً.
صحيح أن هواية بالاك الثانية هي الغولف لكن لو أصر كشافو المواهب المرسلين إلى المدارس في ألمانيا الشرقية السابقة على توجيهه، لكان اليوم يتزحلق على الجليد أو يمارس الجمباز!
بعمر العاشرة نجح بالاك، وهو ابن مهندسين من مدينة غورليتز، أن يصبح نجم وهداف فريق كارل-ماركس شتادت، ثم وقع في العام 1995 أول عقد احترافي له بعمر الـ18 مع شيمنيتز الاسم الجديد لكارل-ماركس شتادت بعد توحيد الألمانيتين في العام 1990 فشبهه المراقبون بالقيصر فرانتس بكنباور.
لفت بالاك لاعب منتخب الشباب آنذاك نظر أندية الـ"بوندسليغه"، فحصل الصاعد كايزرسلاوترن على خدماته، وتمكن "الشياطين الحمر" بقيادة المدرب الخبير اوتو ريهاغل من إحراز لقب الدوري في العام 1998.
كان ميكايل خجولاً في تلك الفترة شأن معظم اللاعبين القادمين من ألمانيا الشرقية، وأضحى أساسياً في الموسم 98-99 فخاض 30 مباراة وسجل 4 أهداف، ما أوصله إلى المنتخب الأول ونادي باير ليفركوزن في تموز/يوليو 1999.
انتظر بالاك الموسم 2001-2002 كي يتحمل مسؤولياته كقائد فعلي لخط وسط ليفركوزن تحت إشراف المدرب كلاوس توبمولر، فحقق ميكايل رباعية ملفتة في مركز "الوصيف" بعد أن حل ثانياً في الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا وكأس العالم مع ألمانيا التي غاب عن مباراتها النهائية أمام البرازيل بسبب الإيقاف.
الخطوة الأخيرة على سلم الكرة الألمانية لا يوجد لبس فيها، فبعد أن اختير أفضل لاعب في ألمانيا في العام 2002 كان من الطبيعي أن ينتقل بالاك إلى النادي البافاري بايرن ميونيخ مقابل 13 مليون يورو حيث لعب تحت إشراف المدربين اوتمار هيتسفلد وفيليكس ماغات.
مع بايرن عزز بالاك سجل ألقابه محرزاً ثنائية الدوري والكأس ثلاث مرات في الأعوام 2003، 2005 و2006، متخذاً صورة الأب المثالي (لديه ثلاثة أولاد) ونجم الإعلانات الدعائية، لكنه عجز عن الفوز بأي لقب أوروبي، لهذا قرر بعد مونديال 2006، الذي لم يبرز فيه بشكل كبير لإصابة في ربلة ساقه، الانتقال إلى تشلسي الإنكليزي براتب ضخم بعد أن سجل مع بايرن 47 هدفاً في 135 مباراة.
في تشلسي حصل بالاك على ثقة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، لكنه لم يقنع بأدائه إلى أن تعرض لإصابة قوية في كاحله الأيسر أبعدته ثمانية أشهر عن الملاعب في نيسان/ابريل 2007.
تحولات كثيرة شاهدها بالاك وهو يتعافى بصعوبة، مورينيو ترك تشلسي وألمانيا تلعب جيداً حتى في غيابه، لكن فور عودته إلى الملاعب عاد لاعب الوسط الصبور ليتسلق سلم النجاح مانحاً قوة إضافية لتشلسي الذي نافس مانشستر يونايتد بقوة في الدوري الإنكليزي وسجل موسماً رائعاً في دوري أبطال أوروبا.
ولم تنته رحلة بالاك (31 عاماً) هذا الموسم، فهو سيكون قائد السفينة الألمانية في رحلة أبطال أمم أوروبا.
يتميز بالاك بقدرته الخارقة على شغل مراكز دفاعية وهجومية في آن، وبتسديداته المحكمة بالقدمين، وأصبح يشارك أكثر في الخطط الهجومية مستفيداً من تسديدات بعيدة المدى وأخرى برأسه قاتلة، عوضاً عن تشكيل خط حماية لزملائه المدافعين، فحصد لقب أفضل لاعب ألماني 3 مرات (2002، 2003 و2005) ليصبح رمزاً للكرة الألمانية في العقد الأخير.